للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن على بطلانها- لم تَثبُت من طريق صالح للاحتجاج، وصَرَّح بعدم ثبوتها خَلْق كثير من علماء الحديث كما هو الصواب (١).

٦ - وقال العَلَّامة الألباني - في كتاب «نَصْب المجانيق لنسف قصة الغرانيق»: فثَبَت مما تقدم بطلان هذه القصة سندًا ومتنًا.

ووجهة مَنْ يَقبلها تقوية بعضها ببعض.

فقد قال الحافظ ابن حجر : « … إن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلًا، وقد ذكرتُ أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يَحْتَجُّ بمثلها مَنْ يَحتج بالمرسل، وكذا مَنْ لا يَحْتَجُّ به؛ لاعتضاد بعضها ببعض (٢).


(١) «أضواء البيان» (٥/ ٢٨٦).
(٢) «فتح الباري» (٨/ ٤٣٩).
ثم قال: «إذا تَقرَّر ذلك تَعيَّن تأويل ما وقع فيها مما يُستنكَر، وهو قوله: (ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لتُرتجَى) فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره؛ لأنه يستحيل عليه أن يَزيد في القرآن عمدًا ما ليس منه، وكذا سهوًا، إذا كان مغايرًا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته، وقد سَلَك العلماء في ذلك مسالك … ».
ثم ذَكَر عددًا منها وخَتَمها بهذا الوجه واستحسنه، فقال: «فتح الباري» (٨/ ٤٤٠): قيل: كان النبي يُرتِّل القرآن، فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات، ونَطَق بتلك الكلمات محاكيًا نغمته، بحيث سَمِعه مَنْ دنا إليه فظَنَّها من قوله وأشاعها.
قال: وهذا أحسن الوجوه، ويؤيده ما تقدم في صدر الكلام عن ابن عباس من تفسير (تَمَنَّى) بـ (تلا) وكذا استَحسن ابن العربي هذا التأويل وقال قبله: إن هذه الآية نصٌّ في مذهبنا في براءة النبي مما نُسب إليه.
قال: ومعنى قوله: ﴿في أمنيته﴾ أي: في تلاوته، فأَخبر تعالى في هذه الآية أن سُنته في رسله إذا قالوا قولًا زاد الشيطان فيه مِنْ قِبَل نفسه، فهذا نص في أن الشيطان زاده في قول النبي ، لا أن النبي قاله.
قال: وقد سَبَق إلى ذلك الطبري لجلالة قدره وسَعة علمه وشدة ساعده في النظر، فصَوَّب على هذا المعنى وحَوَّم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>