للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى في (سورة إبراهيم): ﴿وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدًا آمنًا﴾ [إبراهيم: ٣٥] وناسب هذا هناك لأنه- والله أعلم- كأنه وقع دعاء ثانيًا بعد بناء البيت واستقرار أهله به، وبعد مولد إسحاق الذي هو أصغر سنًّا من إسماعيل بثلاث عَشْرة سنة؛ ولهذا قال في آخِر الدعاء: ﴿الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء﴾ [إبراهيم: ٣٩].

الإشكال الثاني: أن الخليل شَكَر ربه بأنه وهب له إسماعيل وإسحاق على الكِبَر، فكيف أدرك زواج إسماعيل وتَفقَّد زواجه الأول والثاني؟

• ويجاب عنه بما يلي:

١ - أن الكِبَر نسبي، وربما تَزوَّج إسماعيل في أول بلوغه.

٢ - أنه أدرك ما هو أعظم من ذلك، وهو حفيده يعقوب، قال تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١] (١)

٣ - وكذلك القدر المرفوع في أثر ابن عباس الطويل، بعد طلاق إسماعيل زوجه الأولى امتثالًا لأمر أبيه، وقد زارهم مرة ثانية بعد زواجه الثاني، قال: «مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ: اللَّحْمُ. قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ: المَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ، قَالَ النَّبِيُّ : «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ،، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ» قَالَ: فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلاَّ لَمْ يُوَافِقَاهُ».

٤ - أن إسماعيل بنى البيت مع أبيه، ثم عَهِد الله إليهما بطهارة البيت وتهيئته لزواره، قال تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: ١٢٥].


(١) أثاره الباحث عبد التواب بن محمد، لكن لم يرتضه شيخنا -حَفِظهما الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>