للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن تيمية في «الفتاوى الكبرى» (٣/ ٥٥٨) (١):

وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين، وخِيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا، وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم، وإن لم يخف على المسلمين ففي جواز القتال المُفضِي إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء، وهؤلاء المسلمون إذا قُتلوا كانوا شهداء، ولا يُترك الجهاد الواجب لأجل مَنْ يُقتل شهيدًا، فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمَن قُتل من المسلمين يكون شهيدًا، ومَن قُتل وهو في الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام، كان شهيدًا.

وأما الحديث فاستند إليه ابن تيمية، وهو ما أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (٢١١٨): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ» قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ».

تابع محمدَ بن الصَّبَّاح محمدُ بن بكار، كما عند ابن حبان (٦٧٥٥).

خالف إسماعيلَ بن زكريا سفيان بن عُيينة، فأبدل عائشة بأم سلمة، أخرجه أحمد (٢٦٤٧٥)، والترمذي (٢١٧١)، وابن ماجه (٤٠٦٥)، والفاكهي في «أخبار مكة» (٧٥٨) وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه.


(١) وقال في موطن آخَر في «الفتاوى الكبرى» (٣/ ٥٥٢): بل لو كان فيهم قوم صالحون من خيار الناس ولم يُمكِن قتالهم إلا بقتل هؤلاء لقُتلوا أيضًا، فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بمسلمين وخِيف على المسلمين إذا لم يُقاتَلوا، فإنه يجوز أن نرميهم ونقصد الكفار.

<<  <  ج: ص:  >  >>