للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمهم الله تعالى: عليهما الحد لتَحقُّق فعل الزنا منهما، فإن الاستئجار ليس بطريق لاستباحة البُضع شرعًا، فكان لغوًا، بمنزلة ما لو استأجرها للطبخ أو الخَبز ثم زنى بها، وهذا لأن محل الاستئجار منفعة لها حُكم المالية، والمستوفى بالوطء في حكم العتق، وهو ليس بمال أصلًا، والعقد بدون محله لا ينعقد أصلًا، فإذا لم ينعقد به كان هو والإذن سواء.

ولو زنى بها بإذنها يَلزمه الحد، ولكن أبو حنيفة احتج بحديثين ذَكَرهما عن عمر أحدهما ما رُوي أن امرأة استسقت راعيًا.

وقال ابن حزم في «المحلى» (١٦/ ٧٥): وإباحة الفروج المحرمة وعون لإبليس على تسهيل الكبائر، وعلى هذا لا يشاء زانٍ ولا زانية أن يزنيا علانية إلا فَعَلا وهما في أمن من الحد، بأن يعطيها درهمًا يستأجرها به للزنا.

فقد علموا الفساق حيلة في قطع الطريق بأن يُحضِروا مع أنفسهم امرأة سوء زانية وصبيًّا بغاء، ثم يقتلوا المسلمين كيف شاءوا، ولا قتل عليهم من أجل المرأة الزانية والصبي البغاء، فكلما استوقروا من الفسق خفت أوزارهم وسقط الخزي والعذاب عنهم.

ثم علموهم وجه الحيلة في الزنا، وذلك أن يستأجرها بتمرتين وكسرة خبر ليزني بها، ثم يزنيان في أمن وذمام من العذاب بالحد الذي افترضه الله تعالى.

ثم علموهم الحيلة في وطء الأمهات والبنات بأن يَعقدوا معهن نكاحًا، ثم يطأونهن علانية آمنين من الحدود.

ثم علموهم الحيلة في السرقة، أن يَنقب أحدهم نقبًا في الحائط، ويقف الواحد داخل الدار والآخَر خارج الدار، ثم يأخذ كل ما في الدار فيضعه في النقب، ثم يأخذه الآخَر من النقب، ويخرجان آمنَين من القطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>