وقال ابن عبد البر في «التمهيد»(٥/ ١٨): وأما السائق للدابة أو راكبها أو قائدها، فإنهم عند جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم من الخالفين- ضامنون لما جنت الدابة من أجلهم وبسببهم.
وقال داود وأهل الظاهر: لا ضمان في جرح العجماء على أحد على أي حال كان، برِجل أو بمقدم؛ لأن رسول الله ﷺ جَعَل جرحها جبارًا، ولم يَخص حالًا من حال.
قالوا: فلا ضمان على أحد بسبب جنايةِ عجماء، إلا أن يكون حَمَلها على ذلك وأَرْسَلها عليه، فتكون حينئذٍ كالآلة، فيضمن بجناية نفسه وقصده إلى إفساد مال غيره، والجناية عليه.
قالوا: وكذلك إذا تعدى في إرسالها أو رَبَطها في موضع لا يجب له ربطها فيه. وأما مَنْ لم يَقصِد إلى ذلك فلا يضمن جناية دابة، وإن كان سبب ذلك إذا فعل من ركوبها وسياقتها وقيادتها وإرسالها ما له فعله، فلا يضمن إلا الفاعل القاصد، إلا أن يجمعوا على غيره في موضعٍ ما، فيجب التسليم لإجماعهم في ذلك الموضع خاصة.
قال أبو عمر: لا خلاف علمتُه أن ما جنت يد الإنسان خطأ أنه يضمنه في ماله، فإن كان دمًا فعلى عاقلته تسليمًا للسُّنة المجتمع عليها، وقد رُوي عن جماعة من الصحابة والتابعين ضمان السائق والراكب والقائد، على الأصل الذي قَدَّمْنا فافهمه.