فَجَلَسَ يَوْمًا مَجْلِسًا فِي نَادٍ مِنْ تِلْكَ الأَنْدِيَةِ حَوْلَ الكَعْبَةِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ: ﴿والنَّجم إِذا هَوَى﴾ حَتَّى إِذَا بَلَغَ: ﴿أَفَرَأَيتُمُ اللاَّتَ والعُزَّى ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخرَى﴾ أَلْقَى الشَّيْطَانُ كَلِمَتَيْنِ عَلَى لِسَانِهِ: (تِلْكَ الغَرَانِيقُ العُلَى، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى) فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِهِمَا ثُمَّ مَضَى، فَقَرَأَ السُّورَةَ كُلَّهَا وَسَجَدَ وَسَجَدَ القَوْمُ جَمِيعًا.
وَرَفَعَ الوَلِيدُ بْنُ المُغِيرَةِ تُرَابًا إِلَى جَبْهَتِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا أُحَيْحَةَ سَعِيدَ بْنَ العَاصِ أَخَذَ تُرَابًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ، رَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا. فَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: إِنَّما الَّذِي رَفَعَ التُّرَابَ الوَلِيدُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَبُو أُحَيْحَةَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: كِلَاهُمَا جَمِيعًا فَعَلَ ذَلِكَ.
فَرَضُوا بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَقَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَلَكِنَّ آلِهَتَنَا هَذِهِ تَشْفَعُ لَنَا عِنْدَهُ، وَأَمَّا إِذْ جَعَلْتَ لَهَا نَصِيبًا فَنَحْنُ مَعَكَ.
فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ قَوْلِهِمْ حَتَّى جَلَسَ فِي البَيْتِ، فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جِبْرِيلُ ﵇ فَعَرَضَ عَلَيْهِ السُّورَةَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: مَا جِئْتُكَ بِهَاتَيْنِ الكَلِمَتَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قُلْتُ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْ» فَأَوْحَى اللَّهِ إِلَيه: ﴿وَإِنْ كادوا لَيَفتِنونَكَ عَنْ الَّذي أَوحَينا إِلَيكَ لِتَفتَريَ عَلَينا غَيرَهُ وإِذًا لَاتَّخَذوكَ خَليلاً﴾ إِلَى قَولِهِ: ﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَينا نَصيرًا﴾.
ومحمد بن عمر الواقدي متروك مع سعة علمه (١)، ومدار الإسنادين عليه.
الخلاصة: أن وجهة مَنْ يَرُد هذه المراسيل ما يلي:
١ - مخالفتها لأصل الدين وهو توحيد الله؛ إذ كل الأنبياء بُعثوا لمحاربة الأصنام، بينما في القصة مدحُ الأصنام.
(١) قاله ابن حجر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute