وظاهره يُعارِض حديث أبي سعيد هذا، فإن مقتضى حديث أبي صالحٍ النهي عن الوصال إلى السَّحَر، وصريح حديث أبي سعيدٍ الإذن بالوصال إلى السَّحَر.
والمحفوظ في حديث أبي صالحٍ إطلاق النهي عن الوصال بغير تقييد بالسَّحَر؛ ولذلك اتَّفق عليه جميع الرواة عن أبي هريرة، فرواية عَبيدة بن حُميد هذه شاذة، وقد خالفه أبو معاوية، وهو أضبط أصحاب الأعمش، فلم يَذكر ذلك، أخرجه أحمد وغيره عن أبي معاوية، وتابعه عبد الله بن نُمير عن الأعمش كما تقدم.
وعلى تقدير أن تكون رواية عَبيدة بن حُميد محفوظة، فقد أشار ابن خُزيمة إلى الجمع بينهما، بأنه يحتمل أن يكون نَهَى ﷺ عن الوصال أولًا مطلقًا، سواءٌ جميع الليل أو بعضه، وعلى هذا يُحمَل حديث أبي صالح، ثم خَصَّ النهي بجميع الليل فأباح الوصال إلى السَّحَر. وعلى هذا يُحمَل حديث أبي سعيد. أو يُحمَل النهي في حديث أبي صالح على كراهة التنزيه، والنهي في حديث أبي سعيد على ما فوق السَّحَر على كراهة التحريم، والله أعلم.
الخلاصة: وافق شيخُنا الباحث محمد بن سيد الفيومي على شذوذها، كما في المِائة الأولى من «الجامع في الألفاظ والروايات الشاذة»(ص/ ١٣٦ - ١٣٩)، اللفظة رقم (٣٢).