إِزَارِي عَلَيَّ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنَ التَّمْرِ.
قَالَ: فَوَثَبْتُ إِلَيْهِ فَضَبَطْتُهُ فَالْتَقَتْ يَدَايَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، فَقَالَ: خَلِّ عَنِّي فَإِنِّي كَبِيرٌ ذُو عِيَالٍ كَثِيرٍ، وَأَنَا فَقِيرٌ، وَأَنَا مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ، وَكَانَتْ لَنَا هَذِهِ الْقَرْيَةُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ صَاحِبُكُمْ، فَلَمَّا بُعِثَ أُخْرِجْنَا عَنْهَا، فَخَلِّ عَنِّي فَلَنْ أَعُودَ إِلَيْكَ.
فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، وَجَاءَ جِبْرِيلُ ﵇ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِمَا كَانَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصُّبْحَ، فَنَادَى مُنَادِيهِ: أَيْنَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ؟ فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ يَا مُعَاذُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ سَيَعُودُ» فَعَادَ.
قَالَ: فَدَخَلْتُ الْغُرْفَةَ، وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ الْبَابَ فَدَخَلَ مِنْ شَقِّ الْبَابِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنَ التَّمْرِ، فَصَنَعْتُ بِهِ كَمَا صَنَعْتُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَقَالَ: خَلِّ عَنِّي فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ إِلَيْكَ. فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَلَمْ تَقُلْ: (لَا أَعُودُ)؟ قَالَ: فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ، وَآيَةُ ذَلِكَ عَلَيَّ أَنْ لَا يَقْرَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ خَاتِمَةَ (الْبَقَرَةِ) فَيَدْخُلَ أَحَدٌ مِنَّا فِي بَيْتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
وتابع عليَّ بن الحسن زيدُ بن الحُبَاب، أخرجه الحاكم كذلك. وتابعهما سعيد بن عثمان الجرجاني، أخرجه ابن أبي الدنيا (١٧٥).
وخالفهما نُعيم بن حماد فقال: عن عبد المؤمن عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه. كما في «التاريخ الكبير» (١/ ٢٧).
ورواه مالك بن مِغْوَل كما عند الحاكم في «مستدركه» (٢٠٦٨)، والبيهقي في «دلائل النبوة» للبيهقي (٧/ ١١١): حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ لِي طَعَامٌ فَتَبَيَّنْتُ فِيهِ النُّقْصَانَ، فَكُنْتُ فِي اللَّيْلِ فَإِذَا غُولٌ قَدْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ، فَقَبَضْتُ عَلَيْهَا فَقُلْتُ: لَا أُفَارِقُكَ حَتَّى أَذْهَبَ بِكِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ! فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الْعِيَالِ، لَا أَعُودُ. فَحَلَفَتْ لِي فَخَلَّيْتُهَا، فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «كَذَبْتَ وَهِيَ كَذُوبٌ».
وَتَبَيَّنَ لِي النُّقْصَانُ. قَالَ: فَإِذَا هِيَ قَدْ وَقَعَتْ عَلَى الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهَا فَقَالَتْ لِي كَمَا قَالَتْ لِي فِي الْأُولَى، وَحَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ، فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «كَذَبَتْ، وَهِيَ كَذُوبٌ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute