للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمنفعة نفسه -. وعن محمد قال: إن جعل السفل مسجدًا جاز، وإن جعل العلو مسجدًا دون السفل لا يجوز؛ لأن المسجد ما له قرار وتأبيد في السفل دون العلو. وعن الحسن بن زياد أنه إذا دخل العلو مسجدًا، والسفل مستغلًّا للمسجد فهذا يجوز - استحسانًا -. وعن أبي يوسف أن ذلك كله جائز، رجع إليه حين قدم بغداد ورأى ضيق المنازل بأهلها، فجوز أن يجعل العلو مسجدًا دون السفل والسفل دون العلو، وهو مستقيم على أصله، وقد بينا أنه يوسع في الوقف فكذلك في المسجد.

وفي «المدونة» (١/ ١٩٧): وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنِ الْمَسْجِدِ يَبْنِيهِ الرَّجُلُ، وَيَبْنِي فَوْقَهُ بَيْتًا يَرْتَفِقُ بِهِ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ (١). قَالَ: وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِمَامَ هُدًى، وَقَدْ كَانَ يَبِيتُ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ فَلَا تَقْرَبُهُ فِيهِ امْرَأَةٌ، وَهَذَا إِذَا بُنِيَ فَوْقَهُ صَارَ مَسْكَنًا يُجَامِعُ فِيهِ وَيَأْكُلُ فِيهِ.

وقال الزركشي في «إعلام الساجد بأحكام المساجد» (ص: ٤٠٧): وكَرِه مالك أن يَبني مسجدًا ويتخذ فوقه مسكنًا يسكن فيه بأهله. قلت: وفي «فتاوى البغوي» ما يقتضي منع مكث الجُنب فيه لأنه جعل ذلك هواء المسجد، وهواء المسجد حكمه حكم المسجد، والله أعلم.

وقال البهوتي في «شرح منتهى الإرادات» (٢/ ٤٢٨): ومَن جعل سفل بيته مسجدًا انتفع بسطحه. ونَقَل حنبل: لا. وأنه جعل السطح مسجدًا انتفع بأسفله؛ لأن السطح لا يَحتاج إلى سفل. ذكره في «الفروع». وعلى الأول يخرج ما يفعله كثير من واقفي المساجد من البيوت التي بجوانبه، وبعضها عليه إذا لم تدخل في المسجدية لم يَثبت لها حكمه.


(١) قال اللخمي في «التبصرة» (١٠/ ٤٩٦٥): … وإن قال: أنا أبنيه لله تعالى وأبني فوقه مسكنًا وعلى هذا أبني، جاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>