قال أهل المعاني: قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}(أي: الحكم الذي يفصل به بين المختلفين بإيجاب الثواب والعقاب أو الحكم الذي يفصل كل حق من باطل لا يكون على هذا الإطلاق إلا لله جل وعز)(٢).
وقوله تعالى:{يَقُصُّ الْحَقَّ}، أي: يقول الحق، ومعناه: أن جميع ما أنبأ به وأمر به فهو من أقاصيص الحق (٣)، كقوله تعالى:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}[يوسف: ٣]، هذه قراءة أهل الحجاز (٤) وقرأ الباقون ([يَقْضِ] الْحَقَّ)(٥) وكتب ([يَقْضِ] (٦) الْحَقَّ) في المصاحف بغير ياء؛ لأنها سقطت في اللفظ لالتقاء الساكنين (٧) كما كتبوا {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)} [العلق: ١٨] و {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ}[القمر: ٥].
وقوله تعالى:{يَقُصُّ الْحَقَّ}(٨) قال أبو إسحاق: (فيه وجهان: جائز أن يكون {الْحَقَّ} صفة للمصدر، المعنى: يقضي القضاء الحق، ويجوز أن يكون {يَقْضِ الْحَقَّ}: يصنع الحق؛ لأن كل شيء صنعه الله عز وجل فهو
(١) "تنوير المقباس" ٢/ ٢٥ وفيه: (ما الحكم بنزول العذاب إلا لله) ا. هـ (٢) انظر: "تفسير الرازي" ١٣/ ٧. (٣) هذا قول الزجاج في "معانيه" ٢/ ٢٥٧. (٤) (قرأ ابن كثير وعاصم ونافع: (يَقُصُّ) بضم القاف وصاد مهملة مشددة مرفوعة، من القصص، وقرأ الباقون بسكون القاف وضاد معجمة مخففة مكسورة من القضاء، ولا خلاف أنه بغير ياء في الوصل). انظر: "السبعة" ص ٢٥٩، و"المبسوط" ص ١٦٩، و"التذكرة" ٢/ ٤٠٠، و"التيسير" ص ١٠٣، و"النشر" ٢/ ٢٥٨. (٥) في النسخ (يقضي) بالياء، وهو خلاف الرسم. (٦) في (أ): (يقضي) بالياء، وهو خلاف الرسم. (٧) انظر: "الحجة" لابن خالويه ص ١٤٠، و"الكشف" ١/ ٤٣٤. (٨) في النسخ (يقضي) بالياء.