رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصدقاً إلى بني المصطلق (١) فلما سمعوا به فرحوا واجتمعوا ليتلقوه، وكانت بينهم عداوة في الجاهلية، ففرق الوليد ورجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: إنهم قد منعوا الصدقة وارتدوا، فبعث إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد، فلما دنا خالد منهم بعث عيوناً ليلاً فإذا هم ينادون ويصلون، فأتاهم خالد فلم ير منهم إلا طاعة وخيراً، فرجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره ونزلت الآية.
وذكرنا القراءة في قوله:{فَتَبَيَّنُوا} في سورة النساء (٢).
قوله:{أَنْ تُصِيبُوا} يعني: لئلا تصيبوا، وكراهة أن تصيبوا (٣) على ما ذكرنا في مواضع.
وقوله:{بِجَهَالَةٍ} أي: بجهالة بحالهم، وما هم عليه من الإسلام والطاعة.
{فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} قال مقاتل: يعني الذين انتدبوا لقتال بني المصطلق (٤).
٧ - ثم وعظهم فقال:{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} ومعناه: اتقوا أن تكذبوه أو تقولوا باطلاً، فإن الله يخبره فتفتضحوا، يعني: أنهم إذا لم
(١) بنو المصطلق: حي من خزاعة، حاربهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة المريسيع في شعبان سنة ست من الهجرة. انظر: "سيرة ابن هشام" ٣/ ٣٣٣، "البداية والنهاية" ٤/ ١٥٦. (٢) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: {فَتَبَيَّنُوا} بالنون، وكذلك في الحجرات: ٦، وقرأ حمزة والكسائي: (فتثبتوا) بالتاء وكذلك في الحجرات، انظر: "الحجة" لأبي علي ٣/ ١٧٣، "تفسير الطبري" ١٣/ ١٢٣. (٣) انظر: "البحر المحيط" ٨/ ١٠٩. (٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩٣.