احتمل غير وجه، يجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ، ويجوز أن يكون صفة على الموضع بتقدير: هل خالق غير الله يرزقكم، ويجوز أن يكون غير استثناء، تقديره: هل من خالق إلا الله) (١). فلما كانت ترتفع ما بعد إلا حملت رفع ما بعد إلا في غير، كما تقول: ما قام من أحد غير أبيك، ويدل على جواز هذا الوجه قوله:{وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران: ٦٢]، وذكرنا مثل هذا في قوله:{مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} في سورة الأعراف [٥٩].
قال المفسرون وابن عباس:{يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} المطر ومن {الْأَرْضِ} النبات (٢).
ثم وحد نفسه فقال:{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} قال مقاتل: من أين تكذبون بأن الله لا شريك له، وأنتم مقرون بأن الله خلقكم ورزقكم (٣).
قال أبو إسحاق:(من أين يقع لكم الإفك والتكذيب بتوحيد الله وإنكار البعث)(٤).
٤ - ثم عزى نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- بقوله:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} أي: الأمر راجع إلى الله في مجازاة من كذب، ونصرة من كذب من رسله.
٥ - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} يعني: كفار مكة. {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} قال ابن
(١) "الحجة" ٦/ ٢٦ - ٢٧. (٢) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٣٦٤، "السمرقندي" ٣/ ٨٠، "زاد المسير" ٦/ ٤٧٤، "البغوي" ٣/ ٥٦٥. (٣) لم أقف على قول مقاتل. (٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٦٣.