٦٢ - قوله تعالى:{وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، قال الكلبي: لم يكن كلهم يفعل ذلك، كان بعضهم يسارع في ذلك، وبعضهم يستحي فيكف (٢)، ومعنى:{يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ} يبادرون إليه كالمبادرة إلى الحق، قال أهل المعاني: أكثر ما تستعمل المسارعة في الخير، كقوله تعالى:{يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}[الأنبياء: ٩٠]، وقوله:{نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ}[المؤمنون: ٥٦]، وفائدة لفظ المسارعة ههنا وإن كان لفظ العجلة أدل على الذم أنهم يعملونه (٣) كأنهم محقون فيه، وقال ابن عباس في تفسيره: يجترفون على الخطأ (٤)، وجمع بين الإثم والعدوان؛ لأن الإثم الجرم كائنًا ما كان، والعدوان الظلم والتعدي على الناس بما لا يحل (٥)، وذكرنا معنى أكل السحت (٦).
٦٣ - قوله تعالى:{لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ}، معنى لولا ههنا التحضيض والتوبيخ، وهو بمعنى: هلا (٧)، ومضى الكلام في الربانيين عند قوله تعالى:{وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ}[آل عمران: ٧٩]، والكلام في الأحبار قد ذكرناه (٨) في قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ} [التوبة:
(١) انظر: "تفسير الطبري" ٦/ ٢٩٦. (٢) لم أقف عليه. (٣) في (ج): (يعلمونه). (٤) نسبه محقق "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٠٥ إلى تفسير ابن عباس ص ٩٧. (٥) انظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٧٦، "زاد المسير" ٢/ ٣٩١. (٦) عند تفسيره لقوله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (٤٢) من هذه السورة. (٧) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٩١. (٨) في (ج): (ذكرنا) دون هاء الضمير.