القول الثاني: أنهم كانوا يرون المنادي إليها بمنزلة اللاعب أو الهازي الكاذب، جهلاً عنهم بها.
وهذا معنى قول السدي في هذه الآية:"أن رجلاً من النصارى بالمدينة كلما سمع المؤذن يقول: أشهد أن محمداً رسول الله. يقول: حُرِّق الكاذب , فدخل خادمه بنار ذات ليلة، فتطايرت منها شرارة في البيت، فاحترق هو وأهله (١).
وقوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}[المائدة: ٥٨] أي: لا يعقلون ما لهم في إجابتهم لو (٢) أجابوا إليها، وما عليهم في استهزائهم بها (٣)، وقيل: إنهم بمنزلة من لا عقل له يمنعه من القبائح، ويردعه عن الفواحش، وقال الكلبي: لا يعقلون أمر الله (٤).
٥٩ - قوله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا} الآية. قال ابن عباس: "إن نفراً من اليهود أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، فقال: "أؤمن باللهِ وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل إلى قوله تعالى: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة: ١٣٣] فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته، وقالوا: والله ما نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم،
(١) أخرجه الطبري ٦/ ٢٩١، وعزاه السيوطي أيضًا إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ "الدر المنثور" ٢/ ٥٢١. وانظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٧٤، "زاد المسير" ٢/ ٣٨٦، "تفسير ابن كثير" ٢/ ٨٢. (٢) في (ج): (ولو). (٣) انظر: "تفسير الطبري" ٦/ ٢٩١، "زاد المسير" ٢/ ٣٨٦. (٤) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١١٨.