ولا ديناً شرًّا من دينكم، فأنزل الله هذه الآية وما بعدها" (١).
وقوله تعالى:{هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا} يقال: نَقَمتُ على الرجل أَنْقِمُ ونَقِمْتُ عليه أَنْقَمُ، والأجود فتح الماضي، وهو الأكثر في القراءة، قال الله تعالى:{وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ}[البروج: ٨].
وقوله تعالى:{وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ}[المائدة: ٥٩]، فقال كيف ينقم اليهود على المسلمين فسق أكثرهم.
قال أبو إسحاق: المعنى: هل تكرهون إلا إيماننا وفسقكم، أي إنما كرهتم إيماننا وأنتم تعلمون أنا على حق؛ لأنكم فسقتم بأن أقمتم على دينكم لمحبتكم الرئاسة وكسبكم بها الأموال (٣).
وهذا معنى قول الحسن: لفسقكم نقمتم علينا ذلك (٤).
قال صاحب النظم (٥): فعلى هذا يجب أن يكون موضع "أنّ" في قوله: (وأن أكثركم) نصباً بإضمار اللام، على تأويل: ولأن أكثركم
(١) أخرجه الطبري ٦/ ٢٩٢ بنحوه، وعزاه السيوطي أيضًا إلى ابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ كما في "الدر المنثور" ٢/ ٥٢٢. وذكره المؤلف في "أسباب النزول" ص ٢٠٣. (٢) هذا الكلام من أوله للزجاج في: "معاني القرآن" ٢/ ١٨٦، ونقله الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٥٤ (نقم). (٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٨٦، ١٨٧، وانظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٧٥، "زاد المسير" ٢/ ٣٨٧. (٤) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٨٧. (٥) أبو علي الجرجاني تقدمت ترجمته.