والمتربة: مصدر قولهم: تَرِبَ يترب تَرَبًا ومَتْرَبة، مثل مسغبة، إذا افتقر حتى لصق بالتراب ضرًا (١).
ثم بين أن هذه القرب إنما تنفع مع الإيمان فقال:
١٧ - {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} أي كان مقتحم العقبة، وهو فاك الرقبة، والمطعم من الذين آمنوا، فإنه إن لم يكن منهم لم ينفعه قربة، لإحباط الكفر لها.
فإن قيل: أليس من شرط صحة هذا القرب، ووقوعها من الله بمكان القبول: الإيمان؟ فهلا قدم الإيمان عليها، وثم للتراخي، فقدله:"ثم كان" يوجب الإيمان إذا تراخى عن هذا القرب صحت دونه؟!
والجواب عن هذا أن يقال: هذا التراخي في الذكر، لا في الوجود والترتيب (٢)؛ لأن المعنى أنه فعل هذه الأشياء وهو مؤمن معها.
وكذا ذكر المفسرون (٣)، فقالوا: ثم كان مع ذلك من الذين آمنوا، وقد قال:
= الإمام مجاهد" ص ٧٣١، و"جامع البيان" ٣٠/ ٢٠٤ - ٢٠٥، و"النكت والعيون" ٦/ ٢٧٩، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٢٥، وبه قال ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ص ٥٢٩، والثعلبي في "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٨ ب، والسمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٨١، والسجستاني في "نزهة القلوب" ٤١٦، وانظر: "المفردات" ص ٧٣. (١) انظر: "لسان العرب" ١/ ٢٢٨ (ترب). (٢) انظر تفصيل القول في المسألة في "مغنى اللبيب" ١/ ١٩٧. (٣) قال بذلك الثعلبي في "الكشف والبيان" ١٣/ ٩٩ أ. (٤) البيت لأبي نواس الحسن بن هانئ، وهو في "ديوانه" ٤٩٣ برواية: قلْ لمنْ سادَ ثُم سَادَ أبوُه ... قَبْله ثم قبلَ ذلك جَدّه وورد البيت غير منسوب في: "التفسير الكبير" ٣١/ ١٨٧، و"مغنى اللبيب" =