١٠ - قوله تعالى:{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ} الآية، "إِذْ" هنا لا يجوز أن يكون متعلقًا بما قبله على تقدير: أم حسبت إذ أوى الفتية؛ لأنه كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبينهم مدة طويلة، فلم يتعلق الحسبان بذلك الوقت الذي أووا فيه إلى الكهف، وإذ يتعلق بمحذوف كأنه قيل: اذكر إذا أوى (١). كما قلنا في مواضع كثيرة. ومعنى {أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ}: صاروا إليه وجعلوه مأواهم (٢).
قال ابن عباس:(يريد هربوا إلى الكهف)(٣). وذكرنا الكلام في الفتية عند قوله:{وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ}[يوسف: ٦٢] في سورة يوسف.
وقوله تعالى:{فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} أخبر الله تعالى أنهم لما هربوا عمن يطلبهم اشتغلوا بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} أي: أعطنا من عندك مغفرة ورزقًا (٤).
قال ابن عباس:(يريدون تغنينا بها عن جميع من سواك)(٥)، يعني أن قولهم:{مِنْ لَدُنْكَ} تتضمن هذا المعنى.
(١) "الدر المصون" ٧/ ٤٤٦، و"البحر المحيط" ٦/ ١٠٢، و"التفسير الكبير" ١١/ ٨٣، و"إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٣٩٥. (٢) "زاد المسير" ٥/ ١٠٨، و"التفسير الكبير" ١١/ ٨٣، و"معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٧٠. (٣) ذكرته كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "النكت والعيون" ٣/ ٢٨٧، و"المحرر الوجيز" ٩/ ٢٣٩، و"زاد المسير" ٥/ ١٠٨. (٤) "معالم التنزيل" ٥/ ١٥٥ بمعناه، و"الكشاف" ٢/ ٣٨١، و"المحرر الوجيز" ٩/ ٢٤٥، و"زاد المسير" ٥/ ١٠٩. (٥) ذكر نحوه ابن الجوزي بلا نسبة في "زاد المسير" ٥/ ١٠٩، والرازى في "التفسير الكبير" ٢١/ ٨٣، والألوسي في "روح المعاني" ١٥/ ٢١١.