بل ما تذكر من نوار وقد نأت ... وتقطعت أسبابها ورمامها
لم يرد ببل هاهنا إبطال ما سبق، وإنما أراد الإذان بترك الكلام الأول، كما تقول: دع ذا، واترك ذا، عند تمام ما يتكلم به والانتقال إلى غيره، كما قال امرئ القيس (١):
فدع ذا وسلِّ الهمَّ عنك بجسرةٍ
٤٩ - قوله تعالى:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ} قال المفسرون: (يعني كتب أعمال الخلق)(٢). و {الْكِتَابُ} اسم الجنس، فيعمُّ عند الإطلاق. قال أبو إسحاق:(معناه ووضع كتاب كل امرئ بيمينه أو شماله)(٣).
وقوله تعالى:{فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ} قال ابن عباس: (يريد المشركين. {مُشْفِقِينَ} قال: خائفين)(٤). ومعنى الإشفاق في اللغة: الخوف والحذر من وقوع المكروه، ويقال: شَفَقَ بمعنى أَشْفَقَ شفقةً، وإشْفاقًا فهو مشفق وشَفِق، وأصل الحرف من الرقة (٥). وسنذكر ذلك مستقصى عند قوله: {فَلَا
= والرِّمام: الحبال الضعاف التي أخلقت وكادت تتقطع. انظر: "ديوانه" ص ١٦٦. (١) هذا صدر بيت لامرئ القيس. وعجزه: ذمولٍ إذا صام النَّهار وهجرا جَسْرَة: يقال ناقة جسرة طويلة ضخمة، والجسر العظيم من الإبل. ذَمُول: السريعة. انظر: "ديوانه" ص ٦٣، "تهذيب اللغة" (صام) ٢/ ١٩٦٥، "لسان العرب" (هجر) ٤٦١٩. (٢) "جامع البيان" ١٥/ ٢٥٨، "معالم التنزيل" ٥/ ١٧٧، "النكت والعيون" ٣/ ٣١٢، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٩٦. (٣) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩٣. (٤) ذكرته كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "جامع البيان" ٢٥٨/ ١٥، "البغوي" ٣/ ١٧٧ بدون نسبة، "القرطبي" ١٠/ ٤١٨، "الرازي" ١١/ ١٣٤، "أضواء البيان" ٤/ ٢٤٩. (٥) انظر: "تهذيب اللغة" (شفق) ٢/ ١٩٠٠، "القاموس المحيط" (شفق) ٣/ ٨٩٧، "لسان العرب" (شفق) ٤/ ٢٢٩٢.