وقال الكلبي:{نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} يقول: الموحدين (١).
قال الزجاج: جعل الله إيتاء العلم والحكمة إياه مجازاة على الإحسان؛ لأنهما يؤديان إلى الجنة التي هي جزاء المحسنين (٢)، وهذه الآية مفسرة في سورة يوسف (٣).
١٥ - قوله تعالى:{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} اختلفوا في هذه المدينة، وفي سبب دخول موسى المدينة؛ فقال السدي: دخلها متبعًا أثر فرعون؛ لأن فرعون ركب وموسى غير شاهد، فلما جاء موسى قيل له: إن فرعون قد ركب، فركب في أثره، فأدركه المقيل بأرض يقال لها: مَنْف (٤)، فهو قوله:{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ}(٥).
وقال ابن إسحاق: بل دخلها مستخفيًا من فرعون وقومه؛ وذلك أنه كان قد خالفهم في دينهم، وعاب عليهم ما كانوا عليه، وأنكر عليهم ذلك،
(١) "تنوير المقباس" ٣٢٤، بلفظ: المحسنين: النبيين بالفهم والنبوة، ويقال: الصالحين بالعلم والحكمة. (٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٦. (٣) عند قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [٢٢]، قال الواحدي في تفسيرها: {وَكَذَلِكَ} أي: مثل ما وصفنا من تعليم يوسف {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} قال ابن عباس: يريد: نفعل بالموحدين. وقال أبو روق عن الضحاك: يعني الصابرين على النوائب، كما صبر يوسف. (٤) أخرجه ابن جرير في "التاريخ" ١/ ٣٩٠، عن السدي. و (مَنْف)، بالفتح ثم سكون: اسم مدينة فرعون بمصر، قال القضاعي: أصلها بلغة القبط: مافه، فعربت، فقيل: منف. "معجم البلدان" ٥/ ٢٤٧. وهي الآن جنوب الجيزة، والجيزة تقابل القاهرة من جهة الغرب. (٥) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٣، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٥٢. وذكره الثعلبي ٨/ ١٤٢ ب.