وقوله {وَالشَّمْسُ} إلى قوله {وَالدَّوَابُّ} وصف الله تعالى هذه الأشياء كلها] (٢) بالسجود واختلفوا في معنى سجود هذه الأشياء، والصحيح أن المراد بسجودها خضوعها وذلتها وانقيادها لمولاها فيما (٣) يريد منها (٤). وهذا القول هو اختيار الزجاج والنحاس.
قال الزجاج: السجود هاهنا الخضوع لله، وهو طاعة مما خلق الله من الحيوان والموات فالسجود هاهنا سجود طاعة واحتج بقوله تعالى:{فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت: ١١](٥).
وقال النحاس: هذا القول صحيح بيّن، فكل شيء منقاد لله -عَزَّ وَجَلَّ- على ما خلقه، وعلى ما رزقه، وعلى ما أصحه وعلى ما أسقمه، وليس هذا سجود العبادة (٦).
وقال قوم: إن السجود من هذه الأشياء التي هو موات ومن الحيوان الذي لا يعقل إنما هو أثر الصنعة فيها والتسخير والتصوير الذي يدعو
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢١٩. (٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ). (٣) في (أ): (بما). (٤) بل الصحيح ما قاله الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٤٠ بعد ذكره لهذه الآية: فسجود هذه المخلوقات عبادة منها لخالقها لا نفقهها عنها كما لا نفقه تسبيحها. أهـ.
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ٤١٨. (٦) من قوله: وقال قوم .. إلى قوله: أثر الصنعة فيها. منقول عن "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤١٨. ومن قوله: "والتسخير ... إلخ" منقول عن "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٤٩ أ.