وشرح الزجاج القولين، فقال: يكون على جهة لفظ التَّعّجُّبِ، ومعنى التعجب [مما](٢) يؤمر به الآدميون كقوله: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ}[البقرة: ١٧٥] أي اعْجَبوا أنتم من كفر الإنسان.
(قال)(٣): ويجوز أن يكون على معنى التوبيخ (٤)، ولفظه لفظ الاستفهام، أي: أيُّ شيء أكفره؟ (٥).
١٨ - (ثم بين من أمْره ما كان ينبغي أن يعلم معه أن الله خالقه، وأنه واحد، فقال:{مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} لفظه استفهام، ومعناه التقرير)(٦).
١٩ - ثم فسر فقال:{مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} قال ابن عباس (٧)،
(١) "معاني القرآن" ٣/ ٢٣٧ بمعناه. وإلى جواز الوجهين في معنى الآية ذهب الطبري في "جامع البيان" ٣٠/ ٥٤. قال ابن عاشور: "وجملة "ما أكفره" تعليل لإنشاء الدعاء عليه دعاء التحقير والتهديد، وهذا تعجيب من شدة كفر هذا الإنسان، ثم قال: وهذه الجملة بلغت نهاية الإيجاز، وأرفع الجزالة بأسلوب غليظ قال على السخط، بالغ حد المذمة، جامع للملامة، ولم يسمع مثلها قبلها، فهي من جوامع الكلم القرآنية". التحرير والتنوير: ٣٠/ ١٢١. (٢) وردت في النسختين: ما، وقد أثبت ما جاء في معاني الزجاج لسلامته. (٣) ما بين القوسين ساقط من (أ). (٤) قوله: على معنى التوبيخ: بياض في (ع). (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٨٤ - ٢٨٥ بيسير من الاختصار. (٦) ما بين القوسين من قول الزجاج نقله عنه الواحدي بنحوه انظر المرجع السابق. (٧) ورد معنى قوله في "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ١٦، "البحر المحيط" ٨/ ٤٢٨ والعبارة عنه: أي قدّر يديه، ورجليه، وعينيه، وسائر آرابه، وحسنًا، ودميمًا، وقصيرًا، وطويلاً، وشقيًا، وسعيدًا.