{وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} إن اتخذتم أيمانكم دخلًا، ودلَّ ما تَقَدَّم من النهي على هذا المحذوف، ثم زاد توكيدًا، فقال:
٩٥ - {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} قال ابن عباس: يريد عرض الدنيا وإن كان كثيرًا (١)؛ لأن ما يذهب ويبلى قليل، وذكرنا ما في هذا عند قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الآية. [آل عمران: ٧٧] قال المفسرون: يقول: لا تنقضوا عهودكم، تطلبون بنقضها عِوضًا من الدنيا (٢){إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ}: من الثواب على الوفاء {خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}: ذلك، ثم بين أن ما عنده خير بقوله:
٩٦ - {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ}، أي: يفنى وينقطع، يعني الدنيا، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ}، أي: من الثواب والكرامة، {بَاقٍ}: دائم لا ينقطع، قال ابن عباس: يريد لا ينفد؛ كلما أخذت منه وأكلت منه صار مكانه مثلُه، فمعنى [لا](٣) يفنى هذا، وهذا ردّ على من قال: إن نعيم أهل الجنة ينقطع، {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا} قال ابن عباس: يريد على دينهم وعمّا نهاهم الله (٤)، {بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} يعني الطاعات، وجعلها أحسن أعمالهم؛ لأن ما عداها من الحَسَن مباح، فما كان مباحًا من العمل فهو حسن ولا يستحق عليه
(١) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ١١١، بلا نسبة. (٢) ورد بنحوه في "تفسير الطبري" ١٤/ ١٦٩، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٤١، وابن الجوزي ٤/ ٤٨٨، والخازن ٣/ ١٣٣. (٣) إضافة يقتضيها السياق ليستقيم الكلام، واحتمال أن الجملة انقلبت على النساخ؛ وأصلها: (فهذا معنى لا يفنى). (٤) ورد بنصه غير منسوب في تفسيره "الوجيز" ١/ ٦١٩.