٥٦ - {هَذَا نَذِيرٌ} يعني: محمدًا -صلى الله عليه وسلم- {مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} من الرسول قبله.
قال قتادة: يقول أنذر محمد -صلى الله عليه وسلم- كما أنذر الرسل من قبله (١).
قال أبو إسحاق: أي النبي -صلى الله عليه وسلم- مجراه في الإنذار مجرى من تقدمه من الأنبياء عليهم السلام، وذكر قولًا آخر هو قول أبي مالك، ومقاتل، وهو أن يكون النذير مصدرًا بمعنى الإنذار كالنكير بمعنى الإنكار، والمعنى: هذا إنذار لكم كما أنذر من قبلكم وقد أعلمتم ما قص الله عليكم من حال من كذب بالرسل وما وقع بهم من الإهلاك (٢)، وهذا معنى قول مقاتل، يقول: هذا خبر من خبر هلاك الأمم الخالية (٣).
٥٧ - قوله تعالى:{أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} قال المفسرون: دنت القيامة واقتربت الساعة، وقد ذكرنا ما في هذا عند قوله:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ}(٤) قال أبو إسحاق والمبرد: معناه: قربت القريبة (٥)، وهذا كما يقال: قتل القاتل، وضرب الضارب، والآزفة من أسماء القيامة، سميت بذلك لدنوها من الناس؛ لأن كل ما هو آت دان، وإن استبعدت.
(١) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٥٤. (٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٧٨. (٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٣٢ أ. (٤) عند تفسيره لآية (١٨) من سورة غافر. ومما قال: يقال أزف الشيء يأزف أزفًا إذا دنا، ومنه يقال للقصير: متأزف؛ لتداني أعضائه بعضها من بعض ... قال عامة المفرين الأزفة القيامة. قال ابن عباس: أزف أمرها. وقال مقاتل: يعني: اقتربت الساعة. وهذا معني قول الضحاك سميت آزفة لقربها. قال أبو إسحاق: قيل لها آزفة لأنها قريبة وإن استبعد الناس مداها وما هو كائن قريب ... انظر: "البسيط" ص ١٧٢ بتحقيق السحيباني. (٥) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٧٨.