قال مقاتل وغيره (١): نزلت في بشر المنافق كان يخاصم يهوديًّا في أرض، فجعل اليهودي يجره إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجعل المنافق يجره إلى كعب بن الأشرف، ويقول: إن محمدًا يحيف علينا. فقال الله {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} يعني الذي يعرضون عن حكم الله ورسوله.
٤٨ - {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ} إلى كتاب الله {وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} الرسول فيما اختصموا فيه {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ}(٢) عما يُدعون إليه من حكم الله ورسوله.
وقال الفراء: إنَّما قال: {لِيَحْكُمَ}، ولم يقل: ليحكما؛ لأن المعنى: للرَّسول، وإنَّما بُدئ (٣) بذكر الله إعظامًا لله (٤).
وذكرنا مثل هذا فيما تقدم (٥).
٤٩ - {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} قال ابن عباس (٦)،
(١) قول مقاتل في "تفسيره" ٢/ ٤٠ أ. وذكره الثعلبي ٣/ ٨٨ أمن غير سند. وذكر الواحدي في "أسباب النزول" ص ١٣٣ من رواية الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس نحو هذا في سبب نزول قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} [النساء: ٦٠]. ومقاتل والكلبي وأمثالهما لا يعتمد عليهم في الرواية. (٢) في (أ)، (ظ): (فإذا)، وهو خطأ. (٣) في (أ): (بدأ). (٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٥٨ مع تقديم وتأخير. (٥) انظر: "البسيط" عند قوله تعالى {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة: ٦٢]. (٦) روى الطبري ١٨/ ١٥٦ مثل هذا القول عن مجاهد، ورواه ابن أبي حاتم ٧/ ٥٨ أ، ب عن ابن زيد، وذكره النحاس في "معاني القرآن" ٤/ ٥٤٧ عن عطاء. وحكاه الماوردي ٤/ ١١٥ والقرطبي ١٢/ ٢٩٣ عن مجاهد.