إنا معكم متربصون مواعبد الله، من إظهاره دينه واستئصال من خالفه (١) وكان الشيطان يمني المنافقين موت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو قوله:{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}[الطور: ٣٠].
وقال أبو إسحاق: يقول أنتم تربصون بنا إحدى الحسنيين، ونحن نتربص بكم إحدى السوأتين (٢) فبين ما تنتظرونه وننتظر (٣) فرق عظيم (٤).
وقال أهل المعاني: ومعنى صيغة الأمر في قوله: فتربصوا التهدد (٥)، وذلك أن تربصهم تمسك بما يؤدي إلى الهلاك، وتربص المؤمنين تمسك بما يؤدي إلى النجاة، وهذا بيان عما يوجبه اختلاف أحوال المحق والمُبطل.
٥٣ - قوله تعالى:{قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}، قال ابن عباس: نزلت في جد بن قيس حين قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ائذن لي في القعود وهذا مالي أعينك به (٦)، قال الفراء والزجاج: هذا لفظ أمر، ومعناه معنى الشرط والجزاء، المعنى: إن أنفقتم طائعين أو مكرهين لن يتقبل منكم، وأنشدا قول كُثّير:
(١) رواه الثعلبي ٦/ ١١٤ أ، والبغوي ٤/ ٥٨. (٢) في "معاني القرآن وإعرابه": الشرتين. وفي "الوسيط" ٢/ ٠٥٠٣ السوأتين أيضاً لكن المحققين أبدلوا اللفظ إلى: الشرين. (٣) في (ج): (وينتظرون)، وفي "معاني القرآن وإعرابه": وننتظره. (٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٥٢. (٥) انظر: "مفاتيح الغيب" ١٦/ ٩٠ ولم أجده عند أهل المعاني. (٦) رواه ابن جرير في "تفسيره" ١٠/ ١٥٢ بسند منقطع. ورواه أيضًا الثعلبي ٦/ ١١٤ أ، والبغوي ٤/ ٥٨، وقد سبق بيان أن أسانيد الثعلبي والبغوي لا يتميز غثها من سمينها وصحيحها من ضعيفها بسبب اكتفائهما بذكر الأسانيد في المقدمة.