وقوله تعالى:{لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} يعني مع محمد إلى تبوك: {لْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}، قال ابن عباس:(يريد: يفهمون ويعقلون أن مصير المنافقين إليها)(٢)، وهذا ذم للمنافقين بفرحهم بالقعود عن الجهاد، والفرار من حر الشمس إلى حر الجمر.
٨٢ - قوله تعالى:{فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا}، قال أبو رزين (٣): (يقول الله تعالى: مقامهم (٤) في الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاؤوا، فإذا صاروا إلى الآخرة بكوا (٥) بكاء (٦) لا ينفعهم فذلك الكثير) (٧).
وقال الحسن: (قوله: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} وعيد من الله لهم، يقول: فإن ذلك منهم قليل لأن الدنيا كلها قليل يفنى وينقطع، [فضحكهم قليل فيها،
(١) نسب المؤلف البيت للأحوص، والصحيح أنه للحارث بن خالد المخزومي كما في "ديوانه" ص ٦٣، و"مجاز القرآن" ١/ ١٦٤، و"الأغاني" ١٥/ ١٢٨، و"لسان العرب" (خلف) ٢/ ١٢٣٧. ورواية "الديوان": عقب الرذاذ. والشواطب: النساء اللواتي يشققن الخوص، ويقشرن العسب، ليتخذن منه الحصر. انظر: "اللسان" (شطب) ٤/ ٢٢٦١. (٢) "تنوير المقباس" ص ٢٠٠ مختصرًا. (٣) هو: مسعود بن مالك الأسدي مولاهم، أبو رزين الكوفي، تابعي ثقة، من رجال مسلم، توفي سنة ٨٥ هـ. انظر: "الكاشف" ٢/ ٢٥٧، و"تهذيب التهذيب" ٤/ ٦٣، و"تقريب التهذيب" ص ٥٢٨ (٦٦١٢). (٤) ساقط من (ح). (٥) في (ح): (يكون)، وهو خطأ. (٦) في (ح): (نكالًا)، وهو وهم من الناسخ. (٧) رواه بنحوه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٦/ ١٨٥٥، وابن جرير١٠/ ٢٠٢ وابن أبي شيبة كما في "الدر المنثور" ٣/ ٤٧٤.