"الكفار كلهم فاسقون وتخصيص أكثرهم ههنا (١) على وجهين: أحدهما: أنه أراد المتمردين، والثاني: أنه وضع الخصوص موضع العموم"(٢).
٩ - قوله تعالى:{اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} أي استبدلوا بالقرآن متاع الدنيا، ومضى الكلام في حقيقة معنى هذا في مواضع (٣)، قال مجاهد:"أطعم أبو سفيان بن حرب حُلفاءه وترك حلفاء النبي -صلى الله عليه وسلم-"(٤)، فنقضوا العهد الذي كان بينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- بتلك الأكلة (٥).
قوله تعالى:{فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} أي: فأعرضوا عن طاعة الله، وقال عطاء:"كان أبو سفيان يعطي البعير والناقة والطعام ليصد الناس بذلك عن متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-"(٦)، وعلى هذا: معنى "فصدوا عن سبيله": منعوا الناس (٧) به عن الدخول في الإسلام، وقوله تعالى:{إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي من اشترائهم (٨) الكفر بالإيمان.
١٠ - قوله تعالى:{لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} يعني هؤلاء الناقضين للعهد الذين اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلاً، وهذا ذم لهم بترك
(١) ساقط من (ى). (٢) انظر: "البحر المحيط" ٥/ ١٣. (٣) انظر: "البسيط" آل عمران: ٧٧، ١٨٧، ١٩٩، المائدة: ٤٤. (٤) رواه ابن جرير ١٠/ ٨٦، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٥٩، وابن المنذر وأبو الشيخ، كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٨٧، وانظر: "تفسير الإمام مجاهد" ص ٣٦٥. (٥) هذا التعليل من كلام المؤلف، ولعل المقصود أن أبا سفيان اشترى ذمم حلفائه بمثل ذلك الإطعام، فنقضوا عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-. (٦) ذكره الثعلبي ٦/ ٨٢ ب. (٧) ساقط من (ح) و (ى). (٨) في (ى): (اشتراء).