بغير فاء (١). وهذه المسألة شرحناها في مواضع من هذا الكتاب عند قوله:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ} ثم قال: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ}(٢) وفي آي سواها، قال عثمان بن جني: ليست الفاء في (فإنه) زائدة، ولكنها لما دخلت لما في الكلام، معنى الشرط كأنه والله أعلم، قال: إن فررتم منه لاقاكم- فإن قال قائل: الموت ملاقيكم على كل حال فروا منه أو لم يفروا فما معنى الشرط والجواب هنا؟ وهل يصح الجواب بما هو واقع لا محالة؟ قيل: إن هذا على وجه الرد عليهم إذ ظنوا أن الفرار ينجيهم. وقد صرح هذا وأفصح عنه بالشرط الحقيقي زهير (٣) في قوله:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... ولو رام أسباب السماء بسلم (٤)
٩ - قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} قال مقاتل: يعني النداء إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة، وهو كما قال، لأنه لم يكن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نداء سواه كان إذا جلس على المنبر أذن بلال على باب المسجد، وكذا كان على عهد أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما (٥).
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ١٥٦. (٢) عند تفسيره الآية (٢٧٤) من سورة البقرة. (٣) انظر: "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٦٧، والبيت لزهير بن أبي سلمى، وهو في "ديوانه" بشرح ثعلب ص ٣٠، و"شرح القصائد العشر" ص ١٩٤، و"الخصائص" ٣/ ٣٢٤. (٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٥٥ أ، وهو قول مجاهد، والضحاك، والسائب بن يزيد. انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٩١، و"جامع البيان" ٢٨/ ٦٦، و"زاد المسير" ٨/ ٢٦١. (٥) روى البخاري في كتاب: الجمعة، باب: المؤذن الواحد يوم الجمعة ٢/ ١٠، =