النظم: أخبر الله عما يقول الكفار إذا سئلوا عمن خلق السموات والأرض (١)، ابتدأ -عز وجل- وصف نفسه غير حاكٍ ذلك عن الكفار فقال:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا}، ولو كان منتظمًا بما قبله من كلام الكفار لوجب أن يكون نظمه: الذي جعل لنا الأرض، والمعنى العزيز العليم الذي أوموا إليه أنه خلقهن هو الذي جعل لكم الأرض مهادًا، قال: ونظيره من كلام الناس: أن يسمع الرجل رجلاً يقول: الذي بني هذا المسجد فلان العالم، فيقول السامع لهذا الكلام: الزاهد الكريم، كأنه عرفه فزاد في وصفه، فيكون النعتان جميعًا لرجل واحد من رجلين مختلفين، وكذلك قوله -عز وجل-: {الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} صفة من صفات الله محكية عن الكفار.
قوله:{الَّذِي جَعَلَ} صفة من صفاته أضافها -عز وجل- إلى الصفة التي حكاها عن الكفار؛ لأنها حق، وإن كان من كلام الكفار، وتفسير هذه الآية قد سبق في سورة طه [آية ٥٣].
وقوله:{وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فيه قولان: أحدهما: تهتدون في أسفاركم إلى مقاصدكم، وهذا قول الحسن ومقاتل، والثاني: لتهتدوا إلى الحق [في بالاعتبار](٢) الذي جعل لكم، وهذا معنى قول ابن عباس (٣).
١١ - قوله:{وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} قال ابن عباس: يريد
= في زيادة الألف ونقصانها هاهنا في [الزخرف: ١٠]، ولم يختلفوا في غيرها. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر {مِهْادًا} بالألف في كل القرآن، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: {مَهْدًا} بغير ألف فيها. انظر: "الحجة" ٥/ ٢٢٣. (١) كذا رسمها في الأصل، ولعله سننه لفظ: (ثم). (٢) كذا رسمها في الأصل ولعل المراد: (فيه بالاعتبار). (٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٠، "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٣، "تفسير ابن عطية" ١٤/ ٢٤٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٦٤