هذا: إن الظن لا يقوم مقام العلم، وفي هذا دليل على أن من كان في مسائل الأصول ظانًّا لم يكن مؤمنًا.
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}، قال (١): يريد من كفرهم] (٢).
٣٧ - قوله تعالى:{وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ}، قال الزجاج (٣)، وابن الأنباري (٤): هذا جواب لقولهم {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا}[يونس: ١٥] و (أن) مع (يُفْتَرَى) مصدر مقضيًا عليه بالنصب تقديره: وما كان هذا القرآن افتراءً من دون الله، كما تقول: ما كان هذا الكلام كذبًا.
{وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ}[أي: ولكن كان تصديق الذي بين يديه](٥) من الكتب وأنباء الأمم السالفة وأقاصيص أنبيائهم، وهذا قول المفسرين (٦). قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون المعنى: ولكن تصديق الذي بين يديه (٧) القرآن، أي تصديق الشيء الذي تقدمه القرآن، أي يدل
(١) يعني ابن عباس، وانظر القول في "تنوير المقباس" ص ٢١٣ بمعناه. (٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ح). (٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٠ بنحوه. (٤) "زاد المسير" ٤/ ٣٢ مختصرًا. (٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ى). (٦) انظر: "تفسير ابن جرير" ١١/ ١١٧، والماوردي ٢/ ٤٣٥، والبغوي ٤/ ١٣٤. (٧) في "معاني القرآن وإعرابه" المطبوع: يدي، والصواب ما ذكره الواحدي؛ لأن القرآن قبل البعث، ولو قيل: البعث بين يدي القرآن لكان المعنى: البعث قبيل القرآن، وهذا لا يصح، وفي "لسان العرب" (يدي) ٨/ ٤٩٥٤: يقال: بين يديك كذا لكل شيء أمامك، قال الله -عز وجل-: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} [الأعراف: ١٧] ويقال: إن بين يدي الساعة أهوالاً، أي: قدامها.