قال الأخفش: قوله: {فَلَنْ أَكُونَ} معناه: فلا أكونن (١). وهذا خبر في معنى الدعاء، كأنه قال: فلا تجعلني ظهيرًا. ونحو هذا ذكر الفراء؛ واحتج (٢) بأن في حرف عبد الله: (فلا تجعلني ظهيرًا)؛ على الدعاء (٣). ومذهب المفسرين أن هذا خبر وليس بدعاء؛ أخبر عن نفسه أنه لا يكون ظهيرًا للمجرمين بعد ذلك (٤).
قال ابن عباس: لم يستثن فابتُلي (٥). يعني: ما وقع له من غدِ ذلك اليوم؛ وهو قوله:{فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ}. وقال قتادة: لم يستثن -عليه السلام- حين قال:{فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} فابتلي كما تسمعون (٦). قال مقاتل: إنما قال ذلك؛ لأن الذي نصره موسى كان كافرًا (٧). وقد حكينا عن ابن إسحاق: أنه كان مسلمًا (٨).
وسياق اللفظ يدل على صحة قول مقاتل. ومعنى الظهير في اللغة: المعين (٩). وقد مر تفسيره (١٠).
١٨ - قوله تعالى:{فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} قال مقاتل: أصبح
(١) "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٥٢. (٢) واحتج، ساقطة من نسخة: (ب). (٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠٤. (٤) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٩، عن قتادة. (٥) ذكره عنه الفراء، "معاني القرآن" ٢/ ٣٠٤. والثعلبي ٨/ ١٤٣ أ. (٦) أخرجه ابن جرير ٢٠/ ٤٧. (٧) "تفسير مقاتل" ٦٤ أ. (٨) سبق ذكره في تفسير قول الله تعالى: {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} [١٥]. (٩) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٩٩. (١٠) عند قول الله تعالى: {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا} [الفرقان: ٥٥].