وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أهلك الله -عز وجل- قومًا بعذاب من السماء منذ أنزل الله سبحانه التوراة؛ غير القرية التي مسخوا قردة، ألم تر أن الله -عز وجل- قال:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} "(١).
وقال عطاء عن ابن عباس: يريد من بعد ما غرق فرعون وقومه، وخسف بقارون (٢). والقول هو الأول.
وقوله:{بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} قال أبو إسحاق: المعنى: ولقد آتينا موسى الكتاب بصائر، أي: هذه حال ايتائنا إياه الكتاب مبينًا للناس (٣).
وقال مقاتل:{بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} في هلاك الأمم الخالية، بصيرة لبني إسرائيل، وغيرهم (٤). وعلى هذا التقديرُ: أهلكناهم بصائر للناس؛ ليتبصروا ويعتبروا بهلاكهم. والقول ما قاله أبو إسحاق؛ لأن المعنى: آتينا موسى الكتاب بصائر للناس؛ ليتبصروا به، فدل على صحة هذا قوله:{وَهُدًى وَرَحْمَةً} وهو من صفة الكتاب، يعني: التوراة هدى من الضلالة، لمن عمل به، ورحمة لمن آمن به من العذاب (٥).
٤٤ - وقوله:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} قال قتادة والسدي ومقاتل:
(١) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٤٢، رقم: ٣٥٣٤، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه من هذا الطريق الثعلبي ٨/ ١٤٨ أ، وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٨٠، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٨١، موقوفًا على أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. (٢) ذكره القرطبي ١٣/ ٢٩٠، ولم ينسبه، وصدره بـ: قيل. (٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٤٦. (٤) "تفسير مقاتل" ٦٦ أ. (٥) "تفسير مقاتل" ٦٦ أ، بنصه.