فقال الكَلْبيُّ (١): قال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما بَالُكَ تَزْعُمُ أن الرَّجلَ مِنْ أهلِ النار، حتى يَدْخُلَ في دِينِكَ، فإذا انتقل إلى دينك، ادَّعَيْتَ أنه من أهل الجَنَّةِ، فينبغي أنْ تُعَرِّفَنَا الذي يَنتَقِلُ، قبل أن ينتَقِلَ.
فأنزل الله -تعالى- مجيبًا لهم-: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أي: ما كانَ اللهُ لِيَدَعَ المؤمِنَ (٢)، على ما عليه الكافرُ (٣). وأَعْلَمَ أنَّ حُكْمَ مَنْ كَفَر، أن يقال: أنه مِن أهل النار، ومَنْ آمَنَ: فهو من أهل الجَنَّة.
ومعنى:{حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} -على هذا التفسير-: حتى يُفَرِّقَ بين المؤمن والكافر؛ بالحُكْمِ لِلْمُؤْمِنِ بالجَنَّةِ، ولِلكافر بالنار.
والخِطاب في قوله:{أَنتُمْ} -على هذا الوجْهِ-، للمشركين.
وقوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} أي (٤): وما كان اللهُ لِيُخْبِركم بإسلامِ مَنْ يُسْلِم قبل أن يُسْلِم؛ فَيَدُلكم على غَيْبِهِ؛ وذلك أنهم
(١) قوله في: "بحر العلوم" ١/ ٣١٨، و"تفسير الثعلبي" ٣/ ١٥٩ أ، و"أسباب النزول" للمؤلف ١٣٦، و"تفسير البغوي" ٢/ ١٤٠، و"تفسير القرطبي" ٤/ ٢٨٨. وأورد هذا القول ابنُ الجوزي في "الزاد" ١/ ٥١٠ ونسبه لابن عباس. ونحو هذا القول، قال السُّدِّي. انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ١٨٨، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٨٢٤. (٢) في (ج): (المؤمنين). (٣) في (ج): (الكافرين). (٤) أي: ساقطة من (ج).