فإن قيل: إن في أول الكلام خطابًا وهو قوله: (وفي خلقكم) قيل: الغيبة التي ذكرنا أقرب إلى الحرف المختلف فيه، والأقرب إليه أولى أن يحمل عليه، واحتج أيضًا بأن قال في أول الآية خطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يكون في خطابه قوله تعالى:{بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ}(١)، ووجه قول من قرأ بالتاء: أن "قل" فيه مقدر على تأويل: قل لهم فبأي حديث بعد ذلك يؤمنون (٢).
قال المبرد: والتأويل في جميع هذا إنما هو الإبلاغ، فيجوز أن يستغنى عن أن يقال (قل) مع أن القول كثيرًا ما يضمر كقوله: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ} (٣)[الرعد: ٢٣].
٧ - قوله تعالى:{وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ} هذه الآية وما بعدها نزلت في النضر ابن الحارث، قاله الكلبي ومقاتل (٤).
٩ - قوله تعالى:{وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا} قال مقاتل: يعني وإذا سمع من آيات القرآن شيئًا اتخذها هزوا (٥){أُولَئِكَ} قال الأخفش: رد الكلام إلى معنى الكل في قوله {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ} فلذلك جمع (٦).
١٠ - قوله:{مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ} قال ابن عباس: يريد أمامهم
(١) انظر: اختيار أبي عبيد في "إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٤١. (٢) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٧٣، و"السبعة" لابن مجاهد ص ٥٩٤، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٦٥٩. (٣) انظر: "الكامل" للمبرد ١/ ٣٧٨. (٤) انظر: "تنوير المقباس" ص ٤٩٩، و"تفسير مقاتل" ٣/ ٨٣٦، وذكر ذلك السمرقندي في "تفسيره" ٣/ ٢٢٣، والبغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٤١. (٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨٣٦. (٦) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٩٢.