١١ - قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الآية. فقد ذكرنا معنى الإيصاء والتوصية في اللغة. ومعنى {يُوصِيكُمُ} ههنا: قال الزجاج: أي: يفرض (١) عليكم؛ لأن الوصية من الله عز وجل فرض، والدليل على ذلك:{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ}[الأنعام: ١٥١]، وهذا من الفرض المحكم علينا (٢).
وقوله تعالى:{فِي أَوْلَادِكُمْ}، اسم الولد يقع على ولد الصلب وعلى ولد الولد وإن سَفَل (٣)، ثم ثبتت على هذا ميراث ولد الولد بهذه الآية (٤).
فإن قيل: بماذا يتعلق قوله: {يُوصِيكُمُ}، ولا يقال في الكلام: أوصيك لزيد كذا؟ والجواب ما قال الفراء، وهو أن الوصية قول، فمعنى قوله {يُوصِيكُمُ اللَّهُ}(٥): يقول الله لكم، وعلى هذا أيضًا:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ}[المائدة: ٩]، أي: قال الله لهم مغفرة؛ لأن الوعد قول (٦).
(١) في (أ): (نفرض)، وما أثبته هو الموافق لـ"معاني الزجاج". (٢) "معاني الزجاج" ٢/ ١٨، وانظر: "غرائب التفسير" ١/ ٢٨٥، "الكشف والبيان" ٤/ ٢٢ أ، "المحرر الوجيز" ٣/ ٥١١، "الفتوحات الإلهية" ١/ ٣٦٠. (٣) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي ١/ ٣٣٣، "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٥٩، وبعض العلماء يفرق فيقول: إنه حقيقةٌ في ولد الصلب مجازٌ في غيره، وبعضهم لا يفرق. وعقب القرطبي -رحمه الله- على مثل ذلك بقوله: ومعلوم أن الألفاظ لا تتغير بما قالوه. (٤) قوله: (ثم ثبتت)، وفي هذه الجملة اضطراب أو سقط. (٥) في (د) زيادة: (في أولادكم). (٦) لم أقف على رأي الفراء هذا في "معاني القرآن"، وقد أشار إليه أبو حيان في "البحر" ٣/ ١٨١، والسمين في "الدر المصون" ٣/ ٣٥٦.