٢٤٣ - قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} الآية، الرؤية تكون بمعنى رؤية العيان، وتكون بمعنى رؤية القلب، وذلك راجع إلى العلم، والمعنى هاهنا: ألم تعلم، ألم ينته علمك إلى خبر هؤلاء (١). وإنما جاز إطلاق لفظ الرؤية على غير المعاينة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صار يصدق إخبار الله تعالى إياه كالناظر عيانًا.
قال أهل المعاني: وفي هذا تعجيب (٢) وتعظيم، كما تقول: ألم تر إلى ما يصنع فلان. وكل ما في القرآن من نحو هذا فهذا سبيله (٣).
وقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} قال المفسرون: أراد به قومًا من بني إسرائيل، كانوا أهل قرية يقال لها: داوَرْدَان (٤)، وقع بها الطاعون فخرجوا هاربين منها (٥)، حتى نزلوا واديًا فأماتهم الله جميعًا (٦).
(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٢٢، وينظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٢٣. (٢) في (ش) و (ي): (هذا تبين تعجيب). (٣) "تفسير غريب القرآن" ص ٨٤، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٣٠٧، "تفسير البغوي" ١/ ٢٩٤. (٤) قرية في نواحى شرقي واسط، بينهما فرسخ. ينظر: "معجم البلدان" ٢/ ٤٣٤، والمذكور في "تفسير مقاتل" (دامرودان). (٥) في (ش) و (ي): (منه). (٦) وهذا قول ابن عباس والسدي وأبي مالك وابن زيد والحسن وعمرو بن دينار. ينظر "تفسير الطبري" ٢/ ٥٨٩، "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٤٥٨، "الدر المنثور" للسيوطي ١/ ٥٥١، و"بذل الماعون في فضل الطاعون" ص ٢٣٦، قال الحافظ ابن حجر في "بذل الماعون" ص ٢٣٥: والطرق الماضية من أن فرارهم كان بسبب الطاعون أقوى مخرجًا وأحسن طرقًا.