ولكنهم نافقوا وباطنوا اليهود (١) فقالوا لإخوانهم أي في الدين، إنهم كفار مثلهم يعني اليهود {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ} أي من المدينة {لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ} أي في خذلانكم وإسلامكم {أَحَدًا أَبَدًا} ووعدوهم (٢) النصر أرضًا بقولهم (٣): {وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} ثم كذبهم الله تعالى في ذلك فقال {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
ثم ذكر أنهم يخلفونهم ما وعدوهم من الخروج والنصر.
١٢ - قوله تعالى:{لَئِنْ أُخْرِجُوا} الآية، علم الله تعالى ما هو كائن، وما كان، وما ليس بكائن، إذا كان كيف يكون عز ربنا وجل - وقال أبو إسحاق: وقد بَانَ صدق ما قاله الله في أمر بني النضير الذين عاقدهم المنافقون وقوتلوا فلم ينصروهم. فأظهر الله عز وجل كذبهم (٤).
قوله تعالى:{وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ} بعد قوله: {لَا يَنْصُرُونَهُمْ} معناه: وإن قدر وجود نصرهم, لأن ما نفاه الله تعالى لا يجوز وجوده، ولكن يجوز أن يقال لو قدر وجوده.
قال الزجاج: معناه أنهم لو تعاطوا نصرهم، يعني أن المنافقين إن قصدوا نصر اليهود لولوا الأدبار منهزمين (٥) عن محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، {ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} يعني بني النضير لا يصيرون منصورين على محمد وأصحابه إذا انهزم ناصرهم الذين راموا نصرهم.