وقوله تعالى:{ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ}. إن قيل: كيف خصَّ بالتولِّي فريقاً، ثم جمعهم في الإعراض، فقال:{وَهُمْ مُعْرِضُونَ}؟.
فالجواب، ما قال ابن الأنباري (١)، وهو: أنَّ الفريق المتولِّي، هم: المعرضون. وأراد بـ (الفريق المتولي): الرؤساء الذين تدين السَّفَلَةُ لهم، فأفردهم الله تعالى بالذكر، وخصَّهم بالتولي، لأنهم سببٌ لإضلال أتبَّاعهم.
قال (٢): ويحتمل أن يكونَ المتولُّون: العلماء والرؤساء، والمعرضون: الباقون منهم؛ كأنه قيل (٣): ثم يتولى العلماءُ. والتُبَّاعُ معرضون عن القبول من النبي - صلى الله عليه وسلم - لتولي علمائهم. ويجوز أن يكون الفريق اختصه الله (٤)؛ لأن عبد الله بن سَلام، وغيره من مؤمني أهل الكتاب، كانوا ممن قبلوا حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان (٥) المتولِّي بعض مَن أوتي (٦) الكتاب.
٢٤ - قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ}. (٧) اختلف أهل المعاني في المُشارِ إليه بـ {ذَلِكَ}، فقال بعضهم (٨): {ذَلِكَ} راجعة إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}[آل عمران: ٢٢]؛ يعني: ذلك الحُبُوطُ؛ بكذبهم على
(١) لم أهتد إلى مصدر قوله، وقد أورد طرفًا منه ابنُ الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٣٦٧. (٢) (قال): ساقطة من (د). (٣) في (د): (كانو قبل). (٤) معنى عبارة المؤلف هنا: أن الله خصَّ بالتولي فريقًا منهم دون الكل، لأن منهم من لم يتولَّ، كابن سلام وغيره. (٥) في (ج)، (د): (وكان). (٦) في (ج): (أولى). (٧) (بأنهم): ساقطة من (د). (٨) لم أهتد إلى هذا القائل. ولم أقف فيما رجعت إليه من مصادر على من قال برجوع {ذَلِكَ} إلى (الحبوط).