قال: وهؤلاء الذين قيل لهم: {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} هم الذين ذكروا في قوله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} الآية [البقرة: ٢٤٦].
وقوله تعالى:{وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} قرئ بالياء والتاء (١)، فمن قرأ بالياء فلما تقدم من ذكر الغيبة، وهو قوله:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ} ومن قرأ بالتاء فكأنه ضمَّ إليهم في الخطاب المسلمون (٢)، فغلِّب الخطاب على الغيبة، ويؤكد التاء قوله:{قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ}، وما في {قُلْ} من الخطاب (٣).
٧٨ - قوله تعالى:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ}. هذه الآية عند الزجاج متصلة بالأولى إلى قوله:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ}؛ لأنه قال: وأعلمهم أنَّ آجالهم لا تخطئهم ولو تحصنوا بأمنع الحصون، فقال:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَة}(٤).
وقال الكلبي: نزلت هذه الآية في المنافقين حين قالوا لما استشهد من المسلمين ممن استشهد بأحد: لو كان (إخواننا قتلوا)(٥) عندنا ما قتلوا، فأنزل الله هذه الآية (٦).
(١) قرأ بالياء أبو جعفر وابن كثير وحمزة والكسائي وخلف، وقرأ الباقون بالتاء. انظر: "الحجة" ٣/ ١٧٢، "المبسوط" ص ١٥٦، "البدور الزاهرة" ص ٨٢. (٢) في "الحجة" ٣/ ١٧٢: "النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون". (٣) من "الحجة " ٣/ ١٧٢، وانظر: "حجة القراءات" ص ٢٠٨، "الكشف" ١/ ٣٩٣. (٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٧٩. (٥) هكذا في (ش)، وفي "أسباب النزول" للمؤلف ص ١٧١: "إخواننا الذين قتلوا" وهو الصواب. (٦) ذكره المؤلف في "أسباب النزول" ص ١٧١ عن ابن عباس من رواية أبي صالح، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ١٣٧, والقرطبي ٥/ ٢٨٢.