يكون منصوبًا على المدح، قال: لأنه لا ينصب الممدوح إلا عند تمام الكلام، ولم يتم الكلام ههنا، ألا ترى أنك حين قلت {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ} كأنك تنتظر الخبر، وخبره في قوله:{أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا}.
وقول البصريين في هذا هو الصحيح الظاهر (١)، وقوله: إن الكلام لم يتم، إذ الخبر قوله:{أُولَئِكَ} لا يصح، لأن الخبر إنما هو:{يُؤْمِنُونَ} مع أنه قد يجوز الاعتراض بالمدح بين الاسم والخبر، كما يجوز الاعتراض بالقسم، لأنه في تقدير جملة تامة.
قال الفراء: والعرب إذا تطاولت الصفة جعلوا الكلام في الناقص والتام واحد (٢).
وذهب قطرب إلى أن المعنى: وما أنزل من قبلك ومن قبل المقيمين (٣). وهذا القول في الفساد كقول أبي زيد.
قال ابن عباس: إن جماعة من اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما أوحى الله إليك ولا إلى أحد بعد موسى، فكذبهم الله تعالى وأنزل:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}(٤).
قال أبو عبيد عن الكسائي: وحي إليه الكلام يحي به وحيًا، وأوحى إليه، وهو أن يكلمه بكلام يُخفيه من غيره (٥).
(١) وهذا ما رجحه أيضًا النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٤٧٠ - ٤٧١. (٢) لم أقف عليه. (٣) انظر: "البحر المحيط" ٣/ ٣٩٦، و"الدر المصون" ٤/ ١٥٥. (٤) أخرجه بمعناه الطبري ٦/ ٢٨، وانظر: ابن كثير ١/ ٦٤٧، و"الدر المنثور" ٢/ ٤٣٥. (٥) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٥٢ (وحى).