وهذا الذي قال صاحب النظم قد تقدم شرحُه في مواضع، منها قوله:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}[البقرة: ٢٧٤] إلى قوله: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} وقوله: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ}[البقرة: ١٨٤]{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ}[المائدة: ٩٥] وانتصب (تعسًا) على الدعاء كما تقول: سقياً له ورعياً، على معنى: سقاه الله سقياً، ورعاه رعياً، كذلك هاهنا تعسهم الله تعساً على قول أبي عبيدة وعلى قول غيره: أتعسهم الله فتعسوا تعساً (١)، ولهذا التقدير عطف بقوله:{وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} على {فَتَعْسًا} لأن التقدير: فأتعسهم الله وأضل أعمالهم، قاله الفراء (٢).
٩ - قوله تعالى:{ذَلِكَ} أي: ذلك الإتعاس والإضلال {بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} وقال الفراء والزجاج: كرهوا القرآن ونبوة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وسخطوا ما أنزل الله عليه (٣)، وهذا معنى قول المفسرين (٤).
وقال سفيان وعمرو بن ميمون: كرهوا الفرائض (٥) التي أنزل الله من الصلاة والزكاة.
{فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} قال ابن عباس ومقاتل: يعني: ما عملوا من شيء يريدون به الله؛ لأنها لم تكن في إيمان، ولا يقبل الله إلا من المتقين (٦).
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (تعس) ٢/ ٧٩، "الدر المصون" ٦/ ١٤٨. (٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٥٨. (٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٥٩، "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٨. (٤) انظر: "جامع البيان" للطبري ١٣/ ٤٦، "تفسير السمرقندي" ٣/ ٢٤٢. (٥) أورد ذلك السيوطي في "الدر المنثور" عن عمرو بن ميمون وعزاه لابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن المنذر. انظر: "الدر المنثور" ٧/ ٤٦٢، ولم أقف على نسبته لسفيان. (٦) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٤٥، و"القرطبي" ١٦/ ٢٣٣ فقد ذكر معنى هذا القول ولم ينسبه.