٤ - قوله تعال {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} وهن: ضعف يَهِن وَهْنا، ووَهَنا، فهو واهنِ، وأوهنه يُوهِنُه (١). {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ} أي: انتشر فيه الشيب كما ينتشر شعاع النار في الحطب، وهذا من أحسن الإشارة إذ شبه بياض الشيب وانتشاره في الرأس بشعاع النار وانتشارها (٢). وأصل هذا الحرف من الاشتعال يقال: غارة مُشْعِلة، وقد أَشْعَلَت إذا تفرقت.
قال ابن السكيت:(جاء جيش كالجراد المُشْعِل، وهو الذي يخرج في كل وجه، وكَتِيْبَةٌ مُشْعَلَةُ: إذا انتشرت)(٣). قال جرير (٤):
عَايَنْت مُشْعِلَةَ الرِّعَالِ كَأنَّها طَيْرٌ ... تُغَاوِلُ في شَمَامِ وُكُوْرا
ويقال أيضًا: أَشْعَلْت جَمْعَهم، أي: فرقتهم، ومنه يقال: أَشْعَلْتُ النار في الحطب، أي: فرقتها فيه فَاشْتَعَلَت. قال الزجاج:(يقال للشيب إذا كثر جدا: قد اشتعل رأس فلان)(٥). قال لبيد (٦):
= البيان" ٤/ ٢٠٤ بعد ذكر هذه الأقوال: كل ذلك ليس بالأظهر، والأظهر أن السر في إخفائه هو ما ذكرنا من كون الإخفاء أفضل من الإعلان في الدعاء. (١) انظر: "تهذيب اللغة" (وهن) ٤/ ٣٩٦٦، "مقاييس اللغة" (وهن) ٦/ ١٤٩، "القاموس المحيط" (وهن) ١٢٣٩، "لسان العرب" (وهن) ٨/ ٤٩٣٥. (٢) انظر: "النكت والعيون" ٣/ ٣٥٥، "المحرر الوجيز" ٩/ ٤٢٦، "الكشاف" ٢/ ٤٠٥، "الإيضاح في علوم البلاغة" ٣٠٢، "البرهان في علوم القرآن" ٣/ ٤٣٥. (٣) "تهذيب اللغة" (شعل) ٢/ ١٨٩١. (٤) البيت لجرير في قصيدة يهجو بها الأخطل، المُشْعَلَة: المتفرقه والرِّعَال: قطع الخيل. وتُغاوِلُ: تبادر سرعة. وشَمَام: جبل. انظر: "ديوان جرير" ص ٢٢٤، "تهذيب اللغة" (غال) ٣/ ٢٦٢٤، "لسان العرب" (غول) ٦/ ٣٣١٩. (٥) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣١٩. (٦) البيت للبيد من قصيدة يتحدث فيها عن مآثره ومواقفه، ويأسى لفقد أخيه أربد. انظر: "ديوان لبيد بن ربيعة" ص ١٤٠.