{إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ} في أمره، {عَزِيزٌ} في ملكه. قال مقاتل (١): وفيه بيان أنه غني عن خلقه وعن نصرتهم بعزه وقوته.
٢٧ - وما بعد هذا ظاهر ومفسر فيما تقدم، إلى قوله:{وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} قال ابن عباس يريد الحواريين وأتباعهم (٢).
{رَأْفَةً وَرَحْمَةً} قال مقاتل (٣): يعني المودة كانوا متوادين بعضهم لبعض كما وصف الله تعالى أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- بقوله {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: ٢٩].
قوله تعالى:{وَرَهْبَانِيَّةً} هي اسم مبني من الرهبة، وقد مضى الكلام في تفسير الرهبان (٤)، قال أبو إسحاق: وابتدعوا رهبانية كما تقول: رأيت زيدًا وعمرًا كلمته (٥).
وقال أبو علي: قوله: {وَرَهْبَانِيَّةً} محمول على فعل، كأنه قال: وابتدعوا رهبانية ابتدعوها، ألا ترى أن الرهبانية لا يستقيم حملها على جعلنا (٦) مع وصفه إياها، بقوله: ابتدعوها؛ لأن ما يجعله هو -عَزَّ وَجَلَّ- لا
(١) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٢ ب، و "معالم التنزيل" ٤/ ٣٠. (٢) انظر: "الوسيط" ٤/ ٢٥٤، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٦٢. (٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٢ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٠. (٤) الآية (٤٠) من سورة البقرة. رهب، يرهب، رهبًا: أي خاف، والراهب: المتعبد في الصومعة. وأصل الرهبانية من الرهبة ثم صارت اسمًا لما فضل عن المقدار وأفرط فيه. "اللسان" ١/ ١٢٣٧ (رهب). (٥) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١٣. (٦) في (ك): (جعلها).