فصل القول بين الفاعل وفعله (١). وإذا انضم إلى أن التأنيث ليس بحقيقي، قوي التذكير (٢).
{وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} أي: لا يطلب منهم العتبى والرجوع في الآخرة.
٥٨ - وقوله:{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ} بينا ووصفنا (٣) للمشركين {فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} احتجاجًا عليهم، وتنبيهًا لهم {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ} يا محمد {تَنفَعُ} قال ابن عباس: يريد كما أرسل الأولون قبلك، يعني بآية؛ كالعصا واليد، وغير ذلك من آيات الأنبياء {لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ} ما أنتم يا محمد وأصحابك {إِلَّا مُبْطِلُونَ} أصحاب أباطيل. وهذا إخبار عن عنادهم وتكذيبهم، وأنهم لا يعقلون عن شركهم وكفرهم بالآيات الواضحة إن أُتوا بها. ثم ذكر سبب ذلك فقال:
٥٩ - {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} بتوحيد الله، وكل من لم يؤمن بالله ويعلم توحيده فذلك لأجل طبع الله على قلبه.
٦٠ - ولما أخبر عن الطبع على قلوبهم أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالصبر إلى وقت النصر فقال:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} بنصر دينك، وإظهارك على عدوك حقٌ (٤){وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ} قال أبو إسحاق: أي: لا يستفزونك عن دينك {الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} أي: هم ضالون شاكون (٥).
(١) هكذا في النسختين: وقد فصل الفعل بين الفاعل وفعله، وفي كتاب أبي علي، "الحجة" ٥/ ٤٥٠: وقد وقع الفصل بين الفاعل وفعله. وهذا هو الصواب فالمفعول {الَّذِينَ ظَلَمُوا} فصل بين الفاعل {مَعْذِرَتُهُمْ} والفعل {يَنْفَعُ}. (٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٥٠. (٣) "تفسير مقاتل" ٨١ أ. (٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٩٢. (٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٩٢، وفيه: يسَتفزَّنَّك.