محمدًا يموت قبلهم (١). وعلى هذا قوله:{فَهُمْ يَكْتُبُونَ} يجوز أن يكون معناه: يكتبون ذلك الذي عندهم من علم الغيب.
وقال ابن قتيبة (٢): معناه: يحكمون. والكتاب بمعنى الحكم قد ورد في كثير من المواضع كقوله:{كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ٥٤] أي قضى وأوجب. وكقوله:"سأقضي بينكم بكتاب الله"(٣) أي بحكمه.
٤٢ - قوله تعالى:{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} يعني: أيريدون أن يكيدوك ويمكروا بك مكراً يغتالونك به {فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} أي: المجزيون بكيدهم في الدنيا والآخرة. يريد أن ضرر ذلك يعود عليهم ويحيق بهم مكرهم. وقال الكلبي ومقاتل: يعني بكيدهم ما اجتمعوا ليكيدوا به في دار الندوة، فجزاهم الله بكيدهم أن قتلهم ببدر، فذلك قوله تعالى:{فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ}(٤).
٤٣ - {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} هذا إنكار عليهم ما اتخذوه من الآلهة دون الله. يقول: ألهم إله دون الله، يعني: إلهًا يخلق ويرزق ويحيي ويميت.
(١) انظر: "الوسيط" ٤/ ١٩٠، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٢، "القرطبي" ١٧/ ٧٦. قلت: قول المؤلف رحمه الله: (وهذا وهم) رد لقول مقاتل. وظاهر الآية لا يرده. إذا في قوله تعالى {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ ..} ما يرد كل افتراءاتهم وتكذيبهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- حيث لم يستندوا على وحي أو عقل، ويدخل ضمن دلالة الآية دعواهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سيموت في شبابه كما مات الشعراء من أمثاله النابغة وزهير. والله أعلم. (٢) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٧٦. (٣) الحديث رواه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ٣/ ٢٤١، وفي مواضع أخرى ولفظه: "لأقضين بينكما بكتاب الله"، ومسلم في كتاب الحدود، وأحمد في المسند ٤/ ١١٥. (٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٩ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٢، "القرطبي" ١٧/ ٧٦.