في ذلك، إلا أنه استعير لفظ يجادل؛ لأنه كان يحرص في السؤال حرص المجادل، والآية الثانية ذكرنا تفسيرها في سورة التوبة (١).
٧٦ - قوله تعالى:{يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}. قال الزجاج: المعنى: فقلنا يا إبراهيم، وقال المفسرون: قالت الرسل عند ذلك يا إبراهيم أعرض عن هذا، وأشير بـ (هذا) إلى الجدال.
٧٧ - قوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ}، قال ابن عباس (٢) في رواية الكلبي: لما قفلت الرسل من عند إبراهيم إلى لوط، توضأ إبراهيم وقام يصلي، وكان بين قريته وقرية لوط أربعة فراسخ، فانتهوا إلى قرية لوط، فبصرت ابنتا لوط -وهما يستقيان- بالملائكة فرأتا هيئة حسنة، قالتا: ما شأنكم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟ قالوا: من موضع كذا، نريد هذه القرية، قالتا: فإن أهلها يفعلون كذا وكذا. فقالوا: أبها من يضيفنا؟ قالتا: نعم، هذا الشيخ وأشارتا إلى لوط، فلما جاؤوه ورأى هيئتهم خاف قومه عليهم فسيء بهم وضاق بهم ذرعًا، وقال: هذا يوم عصيب، ومعنى سِيء بهم ساءه مجيؤهم، وساء يسوء فعل لازم ومجاوز، يقال: سؤته فسيء مثل شغلته فشغل، وسررته فسر.
قال أبو إسحاق (٣): أصله سُوِءَ بهم إلا أن الواو أسكنت ونقلت
(١) عند قوله تعالى: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [آية: ١١٤]. وخلاصة ما ذكره أن الأوّاه كما قال أبو عبيدة: المتأوّه شفقًا وفرقًا، المتضرع يقينًا ولزومًا للطاعة. والحليم، قال ابن عباس: لم يعاقب أحدًا إلا لله، ولم ينتصر من أحدٍ إلا لله. (٢) انظر: القرطبي ٩/ ٧٣. (٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٦٦.