وهذا معنى قول ابن عباس (١)، فقد قال الذي رواية عطاء:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى}، يريد الرجال، (بظلم) يريد بشرك، و (أهلها مصلحون): يريد فيما بينهم، كقوم لوط عذبهم الله باللواط، وقال فيهم:{وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ}[هود: ٧٨] يريد الشرك، وكذلك قوم شعيب عذبوا ببخس الكيل. وهذا التفسير يدل على أن الاجتراء على أنواع المعاصي أقرب إلى عذاب الاستئصال في الدنيا من الشرك.
١١٨ - قوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً}، [قال ابن عباس (٢): يريد على دينك الذي بعثت به.
وقال قتادة (٣): لجعل الناس أمة واحدة] (٤): أن يجعلهم مسلمين، وهذا دليل على تكذيب القدرية حيث قالوا: ما بقي في مقدوره من اللطف في أن يجعل الخلق مؤمنين إلا وقد فعل، قالوا: ولو قدر فلم يفعل (٥) لم يجز في الحكمة (٦).
قوله تعالى:{وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}، قال مجاهد وقتادة وعطاء والأعمش (٧): أي في الأديان من بين يهودي ونصراني ومجوسي وغير ذلك
(١) روي عن جرير نحوه، قال الهيثمي في "المجمع" ٧/ ٣٩: وفيه عبيد بن القاسم الكُوفي وهو متروك. (٢) "زاد المسير" ٤/ ١٧١. (٣) الطبري ١٢/ ١٤١، القرطبي عن سعيد بن جبير ٩/ ١١٤، ابن عطية ٧/ ٤٢٣. (٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). (٥) في (ي): (ولو قدره لم يفعله). (٦) انظر: "شفاء العليل" لابن القيم ١/ ١٨، ١٩. (٧) روى ذلك عنهم الطبري ١٢/ ١٤١ - ١٤٢، وابن أي حاتم ٦/ ٢٠٩٣ - ٢٠٩٤.