(أحدها: أن الهاء ليست للتأنيث، وإنما هي للمبالغة في الوصف كما قالوا: راوية وعلامة ونسَّابة، والداهية والطاغية، وأنه لمنكر ومنكرة، وكذلك تقول: هو خالصة لي، وخالص لي، وهذا قول الكسائي (١).
وقال الفراء (٢): (وقد تكون (خالصة) مصدرًا لتأنيثها كما تقول: العاقبة والعافية، وهو مثل قوله تعالى:{إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}[ص: ٤٦](٣)، قال أبو بكر: فعلى هذا أنثت الخالصة؛ لأنها أجريت مجرى المصادر التي تكون بلفظ التأنيث إخبارًا عن الأسماء المذكرة كقولهم: عطاؤك عافية، والمطر رحمة، والرخص نعمة، ومعروف عندهم الرجل خالصتي، قال الشاعر (٤):
كُنتَ أمنيتي وكَنتَ خَالصتي ... وليس كلُّ امرئ بمؤتمنِ
القول الثالث (٥): للفراء (أن تأنيث (خالصة) لتأنيث (الأنعام)(٦)، لأن ما في بطونها مثلها، فأنث لتأنيثها) (٧)، وعلى هذا كأنه قيل: وقالوا
(١) ذكره النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٥٨٤، وفي "معانيه" ٢/ ٤٩٨، عن الكسائي، وهو اختيار الأخفش في "معانيه" ٢/ ٢٨٨، والطبري في "تفسيره" ٨/ ٤٩. (٢) هذا هو القول الثاني. (٣) "معاني الفراء" ١/ ٣٥٩، وهو اختيار الكرماني في "غرائب التفسير" ١/ ٣٨٨. (٤) لم أهتد إلى قائله، وهو في الكشف للثعلبي ١٨٥ أ، و"غرائب التفسير" ١/ ٣٨٨، و"الدر المصون" ١/ ١٨٣. (٥) جاء في النسخ: (القول الثاني)، وهو تحريف. (٦) حصل في (أ) تداخل في الأقوال، فقد جاء قول أبي علي الفارسي بعد قوله: (لتأنيث الأنعام)، وهو تحريف من الناسخ. (٧) "معانى الفراء" ١/ ٣٥٨.