١٦ - قوله تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا} الآية، قال الفراء:"هذا من الاستفهام الذي يتوسط الكلام فيجعل بـ"أم" ليفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ الذي لم يتصل بكلام، ولو أريد به الابتداء لكان بالألف أو بـ"هل" (١) " وهذا مما قد (٢) أحكمناه (٣) في سورة البقرة (٤).
قال ابن عباس:"الخطاب في هذه الآية للمنافقين كانوا يتوسلون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخروج معه إلى الجهاد تعذيرا، والنفاق في قلوبهم"(٥).
ومعنى:{وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ} أي: العلم الذي يجازي عليه؛ لأنه إنما يجازي على ما عملوا (٦)، قاله الزجاج (٧)، وهذا مما ذكرناه في سورة البقرة عند قوله:{إِلَّا لِنَعْلَمَ}(٨) وفي سورة آل عمران [١٤٢].
{الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}، قال ابن عباس:"يريد: بنية صادقة"(٩).
(١) اهـ. "معاني القرآن" ١/ ٤٢٦. (٢) ساقط من (ى). (٣) في (ى): (حكيناه). (٤) انظر: "البسيط" البقرة: ٢١٤. (٥) ذكر الأثر عنه ابن الجوزي في: "زاد المسير" ٣/ ٤٠٦ بمعناه. (٦) قال ابن الجوزي في المصدر السابق، الصفحة التالية: "ولما يعلم الله" أي: ولم تجاهدوا فيعلم الله وجود ذلك منكم، وقد كان يعلم ذلك غيبًا، فأراد إظهار ما علم ليجازي عليه. (٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٣٧. (٨) من الآية: ١٤٣ من سورة البقرة، وقال في هذا الموضع: "إلا لنعلم" والله تعالى عالم لم يزل، ولا يجوز أن يحدث له علم، واختلف أهل المعاني في وجه تأويله، فذهب جماعة إلى أن العلم له منزلتان: علم بالشيء قبل وجوده، وعلم به بعد وجوده، والحكم للحلم بعد الوجود؛ لأنه يوجب الثواب والعقاب ... الخ). (٩) لم أقف على مصدره.