قال ابن عباس والمفسرون: قال بعضهم لبعض اسكتوا (١)، وذلك أنهم ازدحموا وركب بعضهم بعضًا حبًا للقرآن وحرصاً عليه، قال ابن مسعود: لما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن ليلة الجن غشيته أسودة كثيرة (٢).
قوله تعالى:{فَلَمَّا قُضِيَ} قال أبو إسحاق: أي فلما تلى عليهم القرآن حتى فرغ منه (٣). {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} قال ابن عباس: يريد بما أمرهم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من توحيده وفرائضه وأحكامه (٤).
والمعنى: أن هؤلاء الذين استمعوا القرآن انصرفوا إلى قومهم بعد الاستماع محذرين إياهم بأس الله إن لم يؤمنوا، وهذا يدل على أن هؤلاء آمنوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ولو لم يؤمنوا لم يخبر عنهم بإنذار قومهم، ولهذا قال مقاتل في تفسير (منذرين): مؤمنين (٥).
٣٠ - ثم أخبر عنهم بما قالوا لقومهم وهو قوله تعالى:{قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} يعنون القرآن، قال مقاتل: وكانوا مؤمنين بموسى (٦).
٣١ - قوله تعالى:{أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} قال ابن عباس والمفسرون:
(١) ذكر المعنى من غير نسبة البغوي في "تفسيره" ٧٥/ ٢٦٩، والقرطبي في "الجامع" ١٦/ ٢١٥. (٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢١٢. (٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٤٧. (٤) أخرج الطبري عن ابن عباس يقول: انصرفوا منذرين عذاب الله على الكفر به. انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٣٣. (٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢٧. (٦) المرجع السابق.